السبت، 11 أبريل 2020

"لحظات تجلي"

"لحظات تجلي"


لحظات تجلي.. هي لحظات لا تعادلها سنوات بدون مبالغة.. لحظات تصبح روحك أقرب للسماء منها لأرض وأقرب لروح شفافة محلقة في الفضاء منها محبوسة بين جنبات جسدك تري في تلك اللحظات بنور البصيرة حتى تصير تبصر ما لا يري بالعين.. 

لحظات تنظر فيها للسماء.. فتشعر وكأن طبقاتها السبع قد تلاشت وأصبح ليس بينك وبين الله حجاب.. لحظات يصبح فيها كل شيء في الدنيا هين بسيط والكون علي وسعه واتساعه ما عاد يسعك، فلا ألم تشعر بألآمه، ولا فرح من أفراح الدنيا يساوي فرحة تلك اللحظات.

لحظات تستطيع أن تستشعرها في صوت "النقشبندي" وهو يقول.. {مولاي إني ببابك قد بسطت يدي.. من لي سواك الاك يا سندي}.. وصوت "نصر الدين طوبار" وهو يشدو ويقول في الصباح وأنت تتأمل أول شعاع نور يغذو الظلام من وراء نافذتك {حين يهدي الصبح إشراق سناه.. يسكب الطل رحيقاً من نداه. موقظاً بالنور أجفان الحياة}.. فتجد نفسك وقد ذهبت لعالم آخر..


وتستطيع أن تشعر بها.. حينما يتسلل إلى قلبك الرجفة.. حينما تستمع إلي الشيخ الشعراوي مفسراً لآية من آيات القرآن الكريم. وهو يفسرها بلغته البسيطة التي تصل إلى قلوب البسطاء والعلماء على حد سواء.. فتجد فمك قد تحرك متمتماً بعطمة الله وحده.. وتظل مشدوهاً لبضع لحظات من عظمة ما تسمع



أو تلك اللحظات التي تتأمل فيها ورقة شجرة صغيرة.. لتجد بها من الخطوط والتفاصيل الصغيرة ما لا يستطيع أروع ولا أعظم فنان تصويره.. وهي فقط مجرد ورقة واحدة.. من بلاين الأوراق على سطح الأرض تنتمي لشجيرة من الأشجار التي تملأ صفحة الكون.. مدللة على عظمة خالقها.. داعية كل ذي عقل أن يتأمل ويتفكر في آياته.. فما تملك الا أن تخر ساجداً لكل هذه العظمة الناطقة بوحدانية الله.


أو تلك اللحظة التي تسمع فيها تسبيحاً في سكون الليل بصوت متقطع من البكاء لإنسان قد ضاقت به الدنيا بما حوت.. فهرع إلى عالم أوسع.. يبث فيه شكواه لله.. فتجد قلبك ينبض بين ضلوعك.. محدثاَ إياك أنه لا إله الا الله.. وحده هو القادر على النفع والضر.. وهو المجيب دعوة المضطر إذا دعاه..

وتلك لحظات لا تصل إليها بسهولة.. فالكثير منا.. تمر علي قلوبهم مرور الكرام.. دون الشعور بأي شيء.. وذلك لأن ليس الوصول إليها ليس بالسهل اليسير.. فهي تحتاج إلى اجتهاد منا.. تأمل.. ومجاهدة النفس حتى تستطيع أن تسمو بها إلى تلك اللحظات فهي لا تهدي لقلوب غلف قد غلفتها المعاصي بجدار سميك حتى صارت لا تشعر بمثل تلك اللحظات.. التي هي السعادة الحقيقية على وجه الأرض. فهي إن كان الطريق إليها طويلا ً.. وليست بالأمر اليسير.. إلا أنها تستحق كل العناء حتى الوصول إليها..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تدوينات مميزة