الثلاثاء، 22 أكتوبر 2013

"اسألني وأسألك" _غريب الأطوار_


"اسألني وأسألك"
_غريب الأطوار_

غريب الأطوار.. هكذا أطلقت عليه عندما شاهدته منذ المرة الأولي.
غالباً ما كان يأتي مجلسه أمامي.. وعلي مسافة ليست ببعيدة عني، بحيث أستطيع أن اري تصرفاته وما يفعله بوضوح تام.. دون أن يلاحظني، او يلاحظ احدا اخر من حوله.. فقد هرب الي عالم أخر.. لا أعلم الي أين.. ولكنه دائماً ما يدخل الي قاعة الدراسة.. وحيداً وعلى وجه ابتسامة لا تفارق ثغرة. ويجلس في هدوء.. لا يتكلم مع أحد، ولا أحد يرغب في الحديث معه. مطرقاً رأسه لأمام.. لا ينظر لأحد.. علي الرغم من أن أغلب من حوله.. يـتأملونه.. وينعتونه دائما.. بالمجنون.. نظرا لتصرفاته التي تشبه احيانا تصرفات الأطفال.. حيث تصدر عنه بعفوية.. فغالباً يجلس.. اما انه يتصفح مذكراته متأملا فيها.. وكأنها الألغاز التي لا يريد ان يحيد عينه عن الورق الا وقد اتي لها بالحلول! لذا يظل متأملا كثيرا.. لا اعرف ربما لصعوبة تلك الألغاز التي يحاول ان يجد لها حلاً.. او يجلس معتدلا وقد وضع في اذنه سماعه.. وكأنه أراد أن يصم بها اذنه عما يعج به العالم من حوله من اصوات.. ولا اعرف ما الذي يستمع اليه بالتحديد.. الا ان اراه يترنح معها يمينا ويسارا ولأمام وللخلف في مجلسه. لا اعلم ما سر ذلك ايضا، ربما يكون تعبيرا منه للحياة انها مهما فعلت سيسايرها حتى النهاية. غير مبالياً بالعيون التي تنظر اليه.. وتسخر منه..
إلى ان جاء يوم.. عرفت فيه للصدفة.. قصة "غريب الأطوار هذا. فقد تعرض لحادث اليم فقد فيه اخ له.. أمام عينه.. ونجا هو.. لكي يقابل الدنيا بثغر باسم دائماً.. وصمت أكثر، فلم يعد في الامكان الرد على اي تساؤلات الا بهذه الابتسامة..
ولكن الغريب في الأمر انه صار يتمتع أكثر.. بسلام داخلي، وصار أكثر انتماء لعالمه الداخلي! فما عاد العالم الخارجي يساوي عنده حتى ان يلتفت اليه.. او يرد بكلمة على تساؤلاته. تري ذلك واضحاً في كل تصرفاته.. فهو ليس مجنوناً كم ينعته السطحين.. انما إذا كنت ممن يعلموا ولو قليلا في "علم النفس" ستجد انه يتمتع بانسجام داخلي ستحسده عليه.. ربما تلك الحادث افقدته قدرته على التعامل مع الخارج.. لكنه يجيد التعامل مع الداخل جيدا.. وبما أن الخارج ليس على درجه من الأهمية، قدر الداخل.. اذن فلا بأس.. فأغلب العظماء لم يكونوا يجيدوا التعامل مع الخارج بسطحيته.. الا انهم اثروه بما قدموه نتجه انسجامهم مع الداخل!

 "فلنلتمس العذر لمن حولنا. ربما لو كنا في أمكنتهم، كنا فعلنا، ما هو أكثر غرابة مما يفعلوا "

والسؤال الآن.. كم من "غريب اطوار" قابلت في حياتك.. وما جال في خاطرك عندما شاهدته؟



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تدوينات مميزة