"هـــي ستكون"
هـــي..
من قابلتها اليوم.. فقد استيقظت اليوم وبنفسي هم كبير من ليلة أمس.. وما حدث فيها
من أحداث مؤلمة. ولا أنكر أني كنت في غاية الحزن.. وقد بت ليلة الحمد لله لا
أحسد عليها.. وتشهد وسادتي.. التي صارت مشبعة بالآسي.. وقد قررت أن أذهب للمكتبة،
حيث تلك المسابقة التي كنت قد عقدت العزم على أن أخوضها تلك المرة.. ولم تكن
تلك المسابقة بالعويصة.. كما تراي لي في بداية أمرها.. حينما أخذت الورقة التي
تحوي عشرة أسئلة.. ولم أستطيع أن أجيب على أي منهم! وليس ذلك فقط.. فتقوم فكرة
المسابقة على أن تأخذ الأسئلة التي توجد إجابتها في مراجع المكتبة.. بحيث تكون
الإجابة على السؤال الموجود.. مع كتابة اسم المرجع الذي يحوي الإجابة!
وبالطبع
أخذت الورقة بعناد.. وفعلت كما شرحت لي موظفة الاستقبال.. للبحث عن أسماء تلك
المراجع في اليوم الأول.. ووقفت أمام الجهاز لمدة ثلاث ساعات كاملة.. متسمرة كالمسمار!
ابحث عن المراجع التي سأجد بها تلك الإجابات اللعينة.. ولم يكن ذلك بدافع الفوز
بجائزة المسابقة.. فالجائزة متواضعة جداً لا تساوي ما ستنفقه من وقت وجهد لإتيان
بأسماء المراجع التي وجدت فيها الإجابات.. وليس فقط الإجابات! بقدر ما كان تسمر
أمام صدمتي في قدراتي.. فأنا التي أدرس في كلية يطلق عليها المجتمع كلية من كليات القمة..
لم أستطيع أن استخرج من الجهاز فقط أسماء لكتب!! وشعرت بمرار _طافح_ في نفسي للصراحة..
فقد اكتشفت أنها لا قمة ولا قاع.. مادام الإنسان لدية الكثير من الإصرار، والاستعداد
النفسي.. وهو ما أكدته لي تلك التي قابلتها بالمصادفة.. ولكم أعجبت بها.. فقد
أخطأت وجلبت قلماً فارغ من أي نقطة حبر.. وجئت لأدون شيء.. واكتشفت أن القلم فارغ..
فذهبت لموظفة الاستقبال، ولأطلب منها أن تعطيني قلماً.. وأنا في طريقي إليها..
كانت "هـــي" تتحدث معها.. وتقول لها (لم أأتي لكم فقط بالأجوبة.. إنما حتى
بأرقام الصفحات أيضاً !!).. فسألتها أذلك الحديث عن المسابقة.. فأجابتني بالإيجاب..
وكدت أفقد وعي! هذه ثاني مرة لي هنا وأمام ذلك الجهاز وانفقت وقت ليس بالقليل بحسب
تقدير.. قدماي التي كادت تشتكي مني! وتلك الفتاة التي تقف أمامي عرفت كيف تأتي ليس
فقط بالإجابات إنما أيضاً بالصفحات (وهنا الحديث عن مراجع.. مش كتب) وكان مظهرها بسيطاً..
وبعدها دار بيني وبينها حديث أمام موظفة الاستقبال.. فقد سجلت إعجابي بها لأنها فعلتها..
في حين أني لم أستطع.. وقالت لي أنها لم تكن أول مسابقة لها.. فقد شاركت ثلاث مرات..
وفازت فيهمم الثلاث! وحكت لي أنها ايضاً عانت في أول الأمر.. ولكنها أصرت أن تشارك..
لأنها في أول مرة لها حينما سمعت عن المسابقة.. وسألت موظفة الاستقبال لتستفسر منها..
وقد كلمتها وقتها بأسلوب متعالِ، لم يعجبها (فهي رأت أنه لا يليق بأن يتحدث أحد
إليها به).. فقالت فأصررت أن أثبت لها ولنفسي إني لست في حاجة لمساعدتها لا هي ولا
غيرها.. وبالفعل فزت.. وكانت هي من سلمتني الجائزة!
وسألتها
عن مفاتيح البحث التي استخدمتها.. وبالحقيقة كانت كريمة جداً معي، وسألتني عن موقع
جهازي وسط الأجهزة الكثيرة المترامية على مرمي البصر من زاوية الاستقبال.. وأشارت
لها عليه وذهبنا سوياً إليه.. فأخذت تريني كيف يكون البحث في هذه الأجهزة
_المسستمة على كاتجوريز _ بحيث تعطيك نتيجة ما تبحث عنه (وهذا إن حالفك الحظ وكانت
الكلمات المستخدمة في البحث مطابقة لأسم مرجع أو كتاب موجود بالمكتبة، والا لن
يظهر نتائج لبحثك. وما أكثر ما ظهرت لي تلك النتيجة!) وعلمتني، كيف أكتب الإجابة
بتسلسل رقم المرجع.. فقد أثارت إعجابي طريقتها في الكلام.. وأسلوبها اللبق..
وبساطتها في نفس الوقت.. وبعدما أصتنعت مزحة لكي أكسر ذلك الجو الرسمي.. فهي لم تكن
تعرفني.. ولم أكن أعرفها.. وضحكنا عليها.. فسألتها من أي كلية قد تخرجت؟ فأجابتني (High School).. ولم أفهم نظراً لأني متوقعة أنها
كلية. فسألتها (وتطلع أيه دي؟) فأجابتني لقد توقفت عند الثانوية العامة.. وبالطبع
لم أسألها لم لأنه واضح.. ودار بينا حديث، وأخذت تساعدني في البحث عن المراجع..
ولكن ما رأيته فيها، من صفات لا أظن حتى أنها تتوافر في.. فبرغم قلة الموارد
المتاحة لها من كل شيء.. الإ أنها مازالت (تحفر) لنفسها مكان على صخرة الحياة..
وحينما سألتها عن رقم هاتفها.. فقد أعطتني رقم والدتها (وقالت لي أنه موبايل البيت
كله!) وجاء دور حسابها على النت.. فقد أعطتموني.. ولكنها قالت لي أيضاً (هضيفك
المرة الجاية لما أجي هنا المكتبة، لأني معنديش جهاز في البيت) ثم ابتسمت لي
إبتسامة فيها شئ من السعادة.. لا تقلقي سيأتي لنا جهاز من الخارج قريباً..
ولم
أبد أي اكتراث لكل ذلك.. وسألتها متي ستأتي مرة أخري.. فأخذت تبحث في داخل
أجندة قد جلبتها معها لتدون بها ما تريد.. وقد أخرجت جدول.. وقالت لي ان موعد محاضراتها..
سيكون في الأحد القادم!! ولتوفر على عناء السؤال.. قالت لي أنها هنا تتابع المحاضرات،
والدوريات التي تصدرها المكتبة.. منذ ثلاث سنوات.. وقد أخذت محاضرات كثيرة هنا معهم..
وبالطبع واضح ذلك في أسلوبها، وطريقة كلامها، كما أن لغتها الإنجليزية جيدة جداً..
وتجتهد الآن في الفرنسية أيضاً!
وتركتها
وأنا منبهرة بها.. فقد صنعت لنفسها منفذ من ضياع الأيام.. وأخذت أفكر ماذا لو كنت مكانها..
هل كنت سأجد لنفسي مخرج.. أم أني كنت سأجلس.. أبكي (على اللي راح) وأندب حظي..
وألعن ظروفي التي حالت بيني.. وبين أبسط أحلامي في استكمال تعليمي.. وبين أشياء
كثيرة ايضاً..
وقد
سرت في طريقي أفكر فيها.. وأفكر أيضاً كيف وضعها الله في طريقي لأني أصررت ألا أيأس..
برغم يأسي! وهي إحدى النصائح التي كنت قد دونتها من مواقف عديدة في أيام الامتحانات
لنفسي، حيث كانت هذه إحداهم.. وقد عملت بها بالفعل.. وذهبت للمكتبة للمرة الثانية
فقط للبحث مرة أخري عن الإجابات.. وبرغم ضيق الوقت لدي اليوم. والاحتمال في الحصول
علي أسماء تلك المراجع ضعيف.. ولم يكن المكان بالقريب مني.. ولكني أصررت رغم اليأس..
وقد كافئني الله.. ووضعها في طريقي.. وتعلمت منها الكثير.. وعرفت كيف أبحث عن
الإجابات :).. وتذكرت موضوعنا هذا الأسبوع عن "أن تكون أو لا تكون"..
ورددت في نفسي إن شاء الله.. هــــــي ستكون.
شكراً
م. أ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق