الثلاثاء، 4 فبراير 2014

"صبر وصبار"



"
صبر وصبار"

اليوم وأنا أفتش فيما كنت أكتب.. في أيام الامتحانات.. وقت _آنذاك_ لم يكن لدي وقت للجلوس أمام جهازي وتوثيق تلك القصص عليه.. أو تدوينها هنا.. والآن ولدينا الوقت، والكهرباء لم تبدأ حمله قطعها بعد.. إذن فلا بأس فلنحكي الحكاية.. علنا نأخذ منها أي عبرة. وعلي طريقة الجميل
(صاحب القلب الأخضراني) “عبد الرحمن الأبنودي" يلا صلوا بينا علي النبي..

في أحد الطرق الجانبية التي نمر عليها باستمرار.. قد لفت انتباهي.. مشهد من المشاهد التي أظنها إذا رسمت بورتريه.. فستكون من أروع المشاهد الإنسانية..
ففي ذلك الطريق.. يجلس عادتاً شاب معاق ذهنياً وبدنياً.. وقد جلس على كرسيه المتحرك لا حول له ولا قوة.. وأمامه قد وضعت طاولة وعليها بعض الأشياء.. كالمناديل الورقية.. والحلوى.. وأشياء من هذا القبيل. فهذا هو عمله.
وفي كل صباح تخرجه أمه وكرسيه.. ليباشر عمله.. وعادتاً لا أحد يلتفت له.. وهو يجلس في صمت.. وتأمل أحياناً للمارة من حوله.. وأحياناً أخري مطرقاً رأسه لأرض.. وفي المرات التي يمر بهذا الطريق أحداً ممن يعرفونه.. فيلقوا عليه التحية.. حتى تتهلل أساريره.. ويرفع رأسه محيا لهذا الذي ألقى عليه التحية.. وتجد على وجه كل مظاهر الفرح والسرور.. وكأن كما نقول بالعامية (زاره النبي).

وحينما يمر عليه من يترفق لحاله فيقرر ان يعطيه بعض مما تجود به نفسه.. فيضعه في تلك العلبة البلاستيكية الصغيرة، والتي وضعها أمامه على الطاولة ليضع بها ما سيكسبه في هذا اليوم.. ويمر من دون أن يأخذ شيئاً.. فوجدناه قد ارتسم على وجه ملامح الضيق.. ويظل يحاول النداء على من وضع تلك النقود بدون أن يأخذ مقابلها شيء.. ويظل ينظر للخلف حيث ذهب في محاولة للنداء عليه، ولسان حاله يقول أنا لست هنا لكي أتسول.. كي تضعوا لي منة دون مقابل!
وعلي هذا الحال في كل يوم.. يجلس بجوار جدار بيته.. ومن الجميل الذي لاحظته في أخر مرة (الذي يستحق بورتريه).. ففوق هذا السور الذي يجلس هذا المعاق أسفله.. قد وضعت أمه قصيصاً به نبات الصبار.. وبعدما اخرجت أبنها في هذه المرة لعمله في هذا الطريق.. وقفت تسقي ذلك النبات.. الذي صار في كامل أطوار نموه..  فصارت تنظر لهذا النبات.. وتنظر لأبنها الجالس أسفل السور في مقابل نظرها.. وكأنها تتعلم من هذا النبات.. والذي معروفاً عنه أنه ينبت في وسط أقسي الظروف.. كيف يكون الصبر الجميل.. على جفاء الأيام.. وصعوبة الأحوال من حولها.

ما رأيكم.. يا أصحاب العقول الغير معاقة.. والأجساد الصحيحة.. أليس هذا المشهد يستحق بورتريه؟



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تدوينات مميزة