"من تقارير الآنسة هاء"
_بصحبة الملائكة الصغار_
إذا اختفت البراءة من الوجوه، وتواري
الجمال من نفوس الكبار البالغين، ففتش عنها في وجوه الأطفال الصغار!
فيا من تشكو من القبح الذي يملأ الأرجاء..
عليك بالأطفال، وهم في كل مكان حولك فإذا كان ليس في محيط العائلة، فأذهب إلى أي
ملجأ لأيتام، وستجد هناك البراءة متجسدة في لحم ودم. وأترك نفسك لهم، فأذهب معهم
حيثما سيأخذانك، وأفعل أفعالهم، وجالسهم.
ولكن لا تنسي أن تترك بالخارج سنون عمرك
التي جعلتك تكبر، وتغادر هذا العالم.
وهنا سأحكي تجربتي مع هذا العالم ..الذي
قررت ان امضيه في هذا الجو الطفولي ..ففي بداية يوم من الأيام، ذهبت إلي إحدى صديقاتي التي رزقها الله بطفلتين
من الجنة ..وأبتعت معي قصة من تلك التي تصدر لأطفال والمليئة بتلك الرسوم
الكرتونية الصغيرة، والملونة بألوان
الأطفال المبهرة ..ووجدت أيضاً أنه من غير اللائق أن تذهب إلي مكان به أطفال و ولم
تحضر لهم معك، بعض الحلوى ..وأذكر هنا
خالي، وجدتي ..فأما عن خالي و الذي كان
دائماً كلما أتي لزيارتنا، جاء إلينا بكيس
مليء بالحلوى من كل الأصناف والألوان ..حتي صرنا ننتظر مجيئيه الينا بشغف بالغ
(كنا أطفال) وكانت تلك الأشياء هي مصدر من مصادر سعادتنا ..وهو كان كريماً جداً في
هذا الشأن ..لذا شكراً جداً خالي البيه .. أما عن جدتي رحمها الله رحمة واسعة،
فكانت تعطينا مالاً كثيراً كلما جئنا لزيارتها وتوصينا بأن نشتري ما نرغب به، وألا
نبقي شيء من هذه النقود ولأنها ستعطينا منها المزيد.. شكراً جدتي ورحمك الله رحمة واسعة.
ومن هنا اكتسبت هذه العادة كلما
ذهبت لمكان به أطفال.. وبالفعل تم ذلك، والتقيت بهاتين الطفلتين، وبالطبع أول ما
جلست التفوا حولي ليروا ماذا أحضرت لهم من حلوي، فأعطيتها اياهم، وشاركوني إياها
بالطبع، فالأطفال يتسموا بالكرم، خاصتاً إذا احبوك
:)
ثم جاء موعد القصة ..فأخذوها مني، وجلسا علي الأرض بكل براءة، وأخذا يلقبا صفحاتها، وبعيونها نظرات الدهشة والانبهار ..كل هذا وأنا
أراقبهم عن بعد ..ثم بعدما عجزا عن معرفة ما تحويه هذه الصفحات، التي امتلأت بالألوان والأشكال المبهمة ..فأخذوا
ينظروا إلي، ثم جاءا إلي وسحبا يدي
وقادوني لمكان القصة في وسط الغرفة علي الأرض، واجلسوني كي أحكي لهم، وبالفعل أخذنا نحكي، ووجدت لدي مواهب كثيرة، فقد قلدت لهم كل أصوات الشخصيات التي كانت
بالمجلة، وهما ينظران إلي وعيناهم بها
لمعة الانبهار، والتعجب في نفس الوقت
..وأخذا يضحكان علي، وأخذنا نغني أغاني
الأطفال البريئة، فأبدا بالمقطع الأول، ثم يكملوا هم، في ضوضاء محببة للنفس، ويصفقان، ثم أتينا بالألوان كي نلون تلك الأجزاء الناقصة
من تلك الصفحة المخصصة للتلوين، حتي
أكملنا الصورة (شوهناها في نهاية الأمر) فلم تزل يدهم لم تعتاد المسكة
الصحيحة لأقلام، فكانوا يخرجوا عن الإطار
المحدد لها .
إلي أن جاء موعد ذهابي حتي لا أصبح
ضيفاً ثقيلاً ..ووجدت أن الوقت مازال به متسعاً قبل الذهاب للمنزل، فذهب لصديقة أخري، في نفس البيت يقطن فيه أطفال من
أبناء أخواتها، وبالفعل ..التفوا حولي
..وجلسنا سوياً نشاهد كرتوناً من تلك الأشياء الصغيرة الجميلة، التي تربينا عليها، وقد اتتني الفكرة عندما سألتهم عن
"بكار" ولم يكن أحدا فيهم يعرفه و فعمدت إلي هاتفي، وعن طريق النت، استطعنا أن نشاهد بكار ورشيدة :)
..واستمعنا إلي أغنية محمد منير، وأخذوا
الصغار ينطروا بعيونهم البريئة إلي شاشة الهاتف الصغيرة، وقد اصطفوا حولي
..ثم قمنا بفقرة كفقرة ما يطلبه المستمعون ..فكانت أغانيهم ..كان في فراشة صغيرة
لنيللي ..وزوعرب (مش فاكرة ايه زوعرب ده !) وكان الأداء لطفلة صغيرة رائعة.. وجدو على
لمحمد ثروت.. وابريق الشاي.. وما إلى ذلك من تلك الأغاني المحببة لأطفال.
وعدت للمنزل.. محملة بكم من البراءة، والسعادة
التي غمرني بها هؤلاء الأطفال ..بعدما تركت لهم نفسي ..فذهبوا بي إلي عوالم صغيرة
أمتعتني كثيراً ..ولن أنسي أيضاً ذلك الطفل اليتيم الذي كان أجمل طفل رأيته في
حياتي، فقد وهبه الله نفساً يحسد عليها، وأظن أن ذلك الطفل حينما يصبح شاباً، سيكون
شخصية لها أثرها في المجتمع، لما تحمله
روحه من سمات، تشبه سمات النبلاء، والفوارس، رغم سنه الصغيرة، وقسوة الحياة عليه ..وتلك الطفلة الجميلة، التي أحسبها زهرة تنبت في غير مكانها_ وسط خرابة
_..لم تكن يتيمة، ولكنها محاطة بأخوة
يعاملوها وكأنها هرة صغيرة بالضبط، وسط
بيئة فقيرة وتعج بالجهل .. علي كل حال الله أرحم عليهم منا جميعاً.
فالنداء إليك مرة ثانية.. يا من تشكو القبح،
والوحدة في أيام حياتك، فهذه دعوة لأن تجرب أن تذهب إلى ملجأ لأيتام، فهي تمتلئ
بالكثيرين الذين يرحبوا بكل من يأتي لزيارتهم في أي وقت.
وسبحان الله، يتسموا بنفوس جميلة، أحياناً على عكس هؤلاء الذين لهم والدين!
ولما لا.. وقد أحاطهم الله برعايته، ورحمته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق