الأربعاء، 12 فبراير 2014

"عن وحدتي وأشياء أخرى"

"عن وحدتي وأشياء أخرى"

-من تقارير الآنسة هاء-


كنت اليوم في "عيد ميلاد" إحدي صديقاتي ..ودار بذهني الكثير مما أريد البوح به هنا في "مدونتي" ..
فقد شعرت بغربة ..وسط كل هؤلاء الأناس..ولا أضحك كما كانوا يفعلوا ..وكانت بإنتظار اللحظة التي سأغادر فيها ..حتي أعود إلي غرفتي التي كانت تشاركني فيها أختي التي تكبرني ..والآن وبعدما تزوجت ,فغادرت المنزل ..أصبحت الغرفة لي وحدي ..كنت في البداية أشعر بإفتقادها ..وأفتقاد أنفاسها في الغرفة معي والتي كانت تؤنسي ..علي الرغم من أننا لم تكن أهتمامتنا واحدة ..وأحياناً كنا نتشاجر كأي أشقاء ..ولكني أفتقدها علي أي حال ..ولكن كلما أفتقدتها أتمتم في نفسي ..هذه هي الحياة .
ومنذ غادرت ..فقد تغير كل شئ في الغرفة بفعلي ..فقد فككت سريرها ..ووضعته خلف الدولاب مفككاً ..فلا حاجة لي الإ بسريري فقط ..والذي له منزلة في قلبي لم يحتلها غيره ..فهو الشئ الوحيد الذي حينما اتأخر عليه أشتاق إليه..وأظنه يبادلني نفس المشاعر ..فهو يحتويني دائماً ..ومرحباً بي في قلبه في أي وقت , وعلي أي حال ..فلم أسمعه مرة تبرم من حمله إياي ..أو تأذي من رائحتي ..أو حتي أشتكي لي من أوجاع قديمة قد جعلت قلبه مخزناً أمينا لها ..فدفنتها فيه ..فهو يحملني ..ويحمل كتبي التي أحب أن أضعها محاطة بي ,لعلها تؤنسني في إغترابي النفسي الذي احياه منذ فترة طويلة..وأحياناً أحمله بملابسي "أواعيا ..كما تقولها إحدهن ..إماراتية الجنسية" حينما لا يكون لدي وقت ,لرصها في الدولاب ..فشكراً سريري ..

ولنعد من حيث بدأنا ..فقد غيرت معالم الغرفة ..فوضعت بها أريكة (حلوة أريكة دي)  خشبية , بعدما جددت أمي تنجيدها ..فصارت مصدر  من مصادر بهجتي ..بنقوشها الوردية الدقيقة ..التي تشبة أزهار الخريف ..نعم أزهار الخريف .. فلونها يوحي لي بأنها لم تتفتح بعد , وأنها في إنتظار الربيع ..الذي لن يجئ عليها ابداً , فقد جمدت عند هذه اللحظة ..وستظل في إنتظار ربيع لن يغير من قفولها شئ .
وهذه الأريكة ..هي المكان الذي أحب الكتابة عليه ..حيث أتربع عليها ..فهي متسعة وتسمح بذلك ..وأحضر تلك الأنتيكة التي كنت قد أشتريتها , منذ فترة طويلة لإعجابي بألوانها الزاهية ..وتلك العروسة الصغيرة التي كانت علي طرفها ذات الفستان الوردي وأبتسامتها المتفائلة , فقررت يومها شراءؤها حتي وإن لم يكن لها إستخدام عندي وقتها .. والتي أضع فيها الآن الأقلام ..والتي أحرص حينما أنتشلها من مكان لأخر علي أن يكون ذلك بحرص شديد ..لأن تلك "العروسة "التي كنت قد أشتريتها من أجلها , قد تركت مكانها ,بعدما انفصل الصمغ الذي كان يجعلها ثابته في مكانها ..هكذا بدون سبب , ولا سابق إنذار , فقد وجدتها علي تلك الحالة ,حينما كنت أرتب أدراجي , فتذكرتها, وكان قد مر علي شرائي لها فترة طويلة ..وكأنها سأمت الأنتظار ..فظلت تبكي فلا حول لها ولا قوي سوي ذلك ..حتي وصلت دموعها إلي ذلك الصمغ ففصلتها عن باقي الكون الذي وجدت فيه ..فأخرجتها , وحاولت أن أقوم بلصقها مكانها مرة أخري ..ولكنها أبت أن أصلح ما فسد ..وكأنها بإصرارها هذا تقول لي قد فات آوان ذلك ..حتي بسمتها المتفائلة , قد شوهت,بفعل الأقلام التي كنت أضعها بجوارها في ذلك الدرج ..وعلي أي حال فقد رضيت بحالها هذا ..ولم تعد تبكي لأنفصالها عن عالمها ,ولا ترثي لمظهرها الذي أصبح أقل بهجة, وأكثر تشوهاً ..
نعود مرة أخري لأريكة ..فهذه الأريكة قد وضعتها في الحيز الذي أزلت منه السرير الأخر ..كما وضعت فوقها , مكتبة صغيرة , كتلك التي تعلق علي الحائط ..وقد أهداني إياها "خالي" حينما سألته عن شئ أضع فيه كتبي_فشكراً خالي البيه_ ووضعت بها بعض الكتب , والبعض الآخرالذي لم يتسع له المكان ..قد وضعته كأكوام من القش علي تلة ..علي طاولة الرسم ..والتي اورثني إياها والدي ,حينما ألتحقت بنفس الجامعة التي تخرج فيها ..فقد أهداها له والده ..حينما ألتحق بالجامعة هو الأخر..والتي  صنعت له خصيصاً من خشب العاج أو الأبنوس _ كما يقول لي_, وبها حافة هكذا ,لوضع الأقلام ,والمساطر بها ..والتي بعد كل هذا العمر ومنذ ميلادها الذي وافق دخول والدي الجامعة ..لا أري فيها الإ طاولة قديمة رثة ..كشجرة هرمت ..وأتت عليها العوامل المناخية ..فأصابتها إصابات بالغة ,لا أمل بعد في إعادتها للحياة , سوي إعدامها!
ولنكمل فهذه الكتب التي أحياناً أحتاج لشغل الطاولة باللوحات , والمساطر , لإنجاز لوحة ما..فأنقل تلك الكتب , من أعلي الطاولة ..للأريكة ..والتي هي مقابلة للطاولة علي بعد أمتار قليلة منها .. لرسم اللوحة , ثم أعيدها مكانها مرة أخري .
فهذه مملكتي التي أعشقها , ولا أجد راحتي الإ فيها ..فلا أنيس الإ كتبي ..ولا رفقة لي أشعر بإرتياح الا تلك الرفقة التي تشبه الأم في عطائها ..فهي تعطي بدون مقابل ..
فلست من هذا النوع الذي يأنس بالناس ..ويشعر بالخطر حينما ينفضوا من حوله ..علي العكس ..لا أشعر بإرتياح الإ وحدي ..أمي دائماً تقول لي بأن ذلك مؤشر خطر ..ربما علامة علي اكتئاب حاد يلوح في الآفق ..ولكني لا أري في ذلك أي نوع من الآكتئاب , فالأمر هو إني سئمت الناس , وأظنهم يبادلوني نفس الشعور أيضاً _من القلب للقلب رسول_ فليس كل الوحدة مرض , ولكنها أيضاً مدرسة للتأمل , وتصحيح للمسارات الخاطئة , ومحاولة أقرب للتعرف علي النفس ..ولكن أمي كان  لها تفسرها لوحدتي التي لا أحب أن يدنس قدسيتها أحد _مهما كان _كما كان لأصدقائي تفسير أخر..وهو إني شديدة الحساسية , ولحتي أريح نفسي مما قد يبدر من أحداً ويجرحني , فقد أعتزلت الناس رفقاً بمشاعري الرقيقة ..التي يرونها عيباً , ووصمة عار ..يجب إصابتها في مقتل ..كل هذه تفسيراتهم ..فمرة تماشيت مع كلامهم ..وحاولت أن لا أكون أنا ..فإذا حدث اي موقف سواء ضايقني , أو أسعدني ..أكيله بمكيالين ..مكيالهم
(كل شئ عادي,وماشي ) الذي لم يستقر في نفسي وظل يتأرجع بداخلي , فلم تستسيغة نفسي ..ومكيالي الخاص , الذي أعتدته ..وظللت علي هكذا حال فترة ..فما شعرت الإ أني لم أكن أنا ..وسألت ذاتي من أنا فيهم ؟!

صحيح كدت أنسي أن أسأل السؤال الذي من أجله ..تحدثت كل هذا الحديث..ما هو المغزي الحقيقي من وراء "هدية عيد الميلاد" ,بمعني لما بالتحديد في "أعياد الميلاد" توجب الهدايا ..أهي تكريماً لهذا المهدا له علي صموده كل تلك المدة من وقت ميلاده حتي تاريخه في وجه الحياة ؟!!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تدوينات مميزة