"اسألني وأسالك"
_ ما يقدر عليه الزمان_
في مكان ما على ظهر سفينة، بدأت للتو، تشق
مياه البحر، لتبدأ رحلتها الي بلاد الأحلام، وعلى متنها، عدد لا بأس به من أناس، كل
له حجته في ترك موطن، لإبحار الي بلاد الأحلام، ووسط ذلك المشهد المتسم بالحشد من
كل الأعمار، ترصد العيون، عجوزين يجلسان في أحد جوانب السفينة، فحينما تنظر إليهم
يخيل لك أنهم حمامتان تحلقان في الأفق في تناغم وانسجام، ورغم علامات الزمان
الواضح مرورها على وجههم، الا إنك تشعر وكأنك امام حبيبان لم يمض على لقائهم بضع
ساعات.
قد جلسا هناك، وبدأ يتبادلان الحديث، ويتذكرا الذكريات الجميلة التي جمعتهم منذ زمن، وشكرا القدر على تلك الهبة التي اهداها لكل منهما بالآخر.
وفجأة امسكا يدا بعضهما، وكأنهم تنبها على غفلة انه مضي الكثير سريعاً، ولم يتبق الا القليل لهم بتوقيت هذا الزمان ليظلوا معاً. وقاموا صوب حافة السفينة حيث البحر علي مرمي البصر، وبدا لحظات سكون وعينهم مثبته على صفحة الماء بزرقته.. وبدأ يسطرا ن عليها قصتهم، التي بدأت تظهر بدورها اعجابا بما سطر على صفحاتها، وبدأت تترقرق في اعجاب بما يملا فيها، ثم اخذا يوصي كل منهما البحر بالأخر إذا غاب أحدهما عن الآخر.
والسؤال الآن.. كيف لحب أن يعيش كل ذلك الزمان،
والصمود في وجه رياحه العاتية، التي تقتلع كل ما في طريقها، وان لم تقتلعه فإنها تضعفه،
وتجعله يفتر.. فكيف أن يولد ويحيا كل هذا العمر بقلب طفل وليد ينبض بالبراءة، الذي
لا يعرف من الحب الا ذاته؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق